مرض فرط النشاط وتشتت التركيز عند الأطفال  (ADHD)

مرض فرط النشاط وتشتت التركيز عند الأطفال (ADHD)

 أ.م.د.سعد فواز مخلف

فرع طب الاطفال

كلية الطب_جامعة الانبار

 

?مقدمة:

?يُعرف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بأنه أحد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعا بين

الأطفال والمراهقين . يتسم هذا الاضطراب بمجموعة من الأعراض المستمرة التي تؤثر على السلوك، الانتباه، والتحكم في الاندفاع. غالبًا ما تبدأ الأعراض في مرحلة الطفولة المبكرة وتؤثر بشكل كبير على الأداء الأكاديمي، الاجتماعي، والعاطفي للطفل. على الرغم من أن الأعراض قد تستمر حتى مرحلة البلوغ، فإن التدخل المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد بشكل كبير في تحسين نوعية حياة الأفراد المصابين.

?التعريف والأنواع:

?يصنف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى ثلاثة أنواع رئيسية :

?النوع الذي يغلب عليه تشتت الانتباه: يتسم هذا النوع بصعوبة في الانتباه إلى التفاصيل، النسيان المتكرر، وصعوبة في تنظيم المهام. غالبًا ما يبدو الأطفال المصابون بهذا النوع وكأنهم "يحلمون" أو لا يستمعون عندما يتم التحدث إليهم.

?النوع الذي يغلب عليه فرط الحركة والاندفاع: يتميز هذا النوع بالنشاط المفرط، مثل الجري والقفز في أوقات غير مناسبة، وصعوبة في الباعل أو الجلوس. كما يتضمن سلوكيات اندفاعية، مثل مقاطعة الآخرين أو الإجابة قبل الانتهاء من السؤال.

?النوع المختلط: يُعد هذا النوع الأكثر شيوعًا، حيث يظهر فيه الطفل أعراضًا من كلا النوعين السابقين.

?الأسباب والعوامل المؤثرة:

?تعتبر أسباب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه معقدة وغير مفهومة بشكل كامل حتى الآن، ولكن يعتقد أنها ناتجة عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية، البيئية، والعصبية.

?العوامل الوراثية: أظهرت الدراسات أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يسري في العائلات، مما يشير إلى وجود مكون وراثي قوي. تشير الأبحاث إلى أن جينات معينة مرتبطة بنظام الدوبامين في الدماغ قد تلعب دورًا في تطور الاضطراب.

?العوامل العصبية: تشير الأبحاث إلى وجود اختلافات في بنية ووظيفة الدماغ لدى الأفراد المصابين بالاضطراب. حيث تُظهر دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي أن بعض مناطق الدماغ المسؤولة عن الانتباه، التخطيط، والتحكم في الاندفاع (مثل القشرة الأمامية) تكون أصغر حجمًا أو أقل نشاطًا لدى هؤلاء الأفراد. كما أن خللًا في مستويات النواقل العصبية مثل الدوبامين والنورإبينفرين يعتقد أنه يلعب دورًا رئيسيًا.

?العوامل البيئية: قد تساهم بعض العوامل البيئية في زيادة خطر الإصابة بالاضطراب. تشمل هذه العوامل التعرض للنيكوتين أو الكحول أثناء الحمل، الولادة المبكرة، أو التعرض لسموم بيئية مثل الرصاص.

?التشخيص:

?يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من قبل أخصائي مؤهل (طبيب نفسي، طبيب أطفال، أو طبيب أعصاب) بناءً على معايير محددة. يتطلب التشخيص وجود عدد معين من الأعراض المستمرة (لأكثر من 6 أشهر) في بيئتين مختلفتين على الأقل (مثل المنزل والمدرسة)، وأن تؤثر هذه الأعراض بشكل كبير على الأداء اليومي للطفل. يعتمد التشخيص أيضًا على تقييم شامل يشمل مقابلة الطفل والوالدين والمعلمين، واستخدام مقاييس تصنيف السلوك، واستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للأعراض.

?العلاج 

?لا يوجد علاج شافٍ تمامًا من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكن العلاجات المتاحة تهدف إلى إدارة الأعراض وتحسين الأداء. غالبًا ما يكون العلاج الأكثر فعالية هو نهج متعدد الأوجه يجمع بين العلاج السلوكي والأدوية ...

?العلاج السلوكي: يُعد العلاج السلوكي المعرفي والتدريب على المهارات الاجتماعية من العلاجات غير الدوائية الفعالة. يهدف العلاج السلوكي إلى تعليم الأطفال وأولياء الأمور استراتيجيات للتعامل مع الأعراض، مثل:

?وضع جداول روتينية واضحة.

استخدام تقنيات تنظيمية (مثل قوائم المهام).

?تعزيز السلوكيات الإيجابية من خلال نظام المكافآت.

?تعلم مهارات حل المشكلات والتحكم في الاندفاع.

 

?العلاج الدوائي: تُستخدم الأدوية المنشطة التي توصف من قبل الطبيب المعالج حصرا

  بشكل شائع وفعال في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. تعمل هذه الأدوية على زيادة مستويات الدوبامين والنورإبينفرين في الدماغ، مما يساعد على تحسين الانتباه والتركيز وتقليل الاندفاع. تُعد الأدوية غير المنشطة ، خيارًا علاجيًا أيضًا. يجب أن يكون العلاج الدوائي تحت إشراف طبي دقيق لتحديد الجرعة المناسبة ومراقبة الآثار الجانبية.

?الخلاصة:

 

?يُعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حالة طبية معقدة تتطلب فهمًا شاملاً وتدخلًا متعدد الجوانب. من خلال التشخيص الدقيق والعلاج المناسب الذي يجمع بين الدعم النفسي والتربوي والعلاج الدوائي، يمكن للأطفال المصابين بالاضطراب أن يتعلموا كيفية إدارة أعراضهم وتحقيق إمكاناتهم الكاملة. يعتبر التوعية بهذا الاضطراب وتقديم الدعم للأسر أمرًا حيويًا لتحسين نتائج الأفراد المتأثرين والمساهمة في بناء مجتمع أكثر تفهمًا وشمولًا.